كالعادة تجتمع الأحلام نفسها والأوهام نفسها والآمال نفسها في عرض مثير واحد سيضم سويا أفضل لاعبي كرة القدم في أوروبا، فقد اقترب موعد انطلاق بطولة الأمم الأوروبية (يورو 2008).
من الممكن ألا نشاهد مستوى عاليا من التفوق بين المتنافسين الكبار في اللعبة لأنهم سيكون عليهم أن يتباروا في ظل جدول مباريات شديد الصعوبة، ولكن سيتعين على اللاعبين أن يبذلوا قدرا ولو قليلا، وأن يقطعوا مسافة أبعد حتى يكونوا على مستوى هذا الحدث الكبير.
وجاء الشكل النهائي لمجموعات البطولة الأوروبية في غاية التعقيد هذا العام، وبرغم أن اليونان نجحت في البطولة السابقة في إنهاء سيطرة القوى العظمى على الألقاب القارية بإحرازها لقب البطولة، فإنني أعتقد أنه من المستبعد تماما هذا العام أن يتمكن اليونانيون من تكرار الإنجاز نفسه.
وستكون الفرصة جيدة أمام إيطاليا بطلة العالم لتأكيد جدارتها وتفوقها بقيادة مدربها الجديد روبرتو دونادوني الذي تولى تدريب الفريق خلفا للمدرب السابق مارشيللو ليبي، بعد رحيل هذا الأخير عن منصبه عقب إحراز إيطاليا لقب بطولة كأس العالم 2006 بألمانيا.
وأتمنى أن تتمكن ألمانيا من الحفاظ على هذا الشغف الجماهيري الإيجابي الذي ولد خلال استضافتها بطولة كأس العالم قبل عامين، بل وأن تزيد من هذا الشغف.
وبرغم أن ألمانيا لم تتمكن من الفوز بكأس العالم التي استضافتها مؤخرا، إلا أنها ما زالت تستحق تقديرا جماعيا، وهو ما لا يمكن قوله عن مشاركين آخرين في يورو 2008، فما زالت ألمانيا من البلاد المرشحة بقوة لإحراز اللقب الأوروبي ولكن بشرط أن تحافظ على مستوى أداء جيد.
ومع وجود نخبة من اللاعبين الممتازين في صفوف المنتخب الفرنسي حاليا، يجب أن تركز وصيفة العالم أهدافها على تحقيق قدر أكبر من ثبات المستوى في أدائها الجماعي.
أما الدولة المتبقية من بين المرشحين الكبار لإحراز لقب 2008 إسبانيا، فستكون أمامها فرصة كبيرة للمزج ما بين الفاعلية واللمسة الجمالية، أو بمعنى آخر أن تحقق الفوز ولكن مع الاستمتاع باللعب في نفس الوقت.
ويضع مدرب إسبانيا لويس أراجونيس ثقته في الفترة الأخيرة في اللاعبين أصحاب المهارات الفردية والأداء الجمالي في المقام الأول، وبعد ذلك يعمل المدرب المخضرم دائما على إيجاد التناغم والتوازن المطلوب بين هؤلاء اللاعبين وبقية عناصر الفريق.
ويمكن لأراجونيس أن ينجح في ذلك خلال يورو 2008 إذا اعتمد على اللاعبين القادرين على المزج بين إمكانية الاستحواذ على الكرة والبناء الجيد للحركة بالكرة أو بدونها وإيجاد القوة الضاربة في الخطوط الأمامية، مثل أندريس إنييستا وسيسك فابريجاس وتشافي هيرنانديز وتشابي ألونسو وفيرناندو توريس وديفيد فيا وآخرين.
ويأتي في الصف الثاني، خلف المرشحين الأوائل لإحراز اللقب ما أطلق عليهم أبطال العرض، وفي هذا التصنيف أضع هولندا، التي تشارك في يورو 2008 من خلال مجموعة بالغة الصعوبة في المقدمة.
ولكن إذا تمكنت هولندا من اجتياز الدور الأول بالبطولة فسيكون لديها من الإمكانيات ما يمكنها من تقديم الوداع اللائق لمدربها الشاب ماركو فان باستن الذي سيترك منصبه التدريبي بالفريق بعد البطولة الأوروبية.
وفي تصنيف الأبطال نفسه، أضع البرتغال التي لم تتمكن منذ سنوات طويلة وحتى الآن من بلوغ المكانة المنتظرة منها، كما توجد جمهورية التشيك وروسيا بالإضافة إلى الدولتين المضيفتين سويسرا والنمسا اللتين أرشحهما للظهور بمستوى جيد كنتيجة للحافز النفسي الذي من المفترض أن يدفعها خلال البطولة على اعتبار أن كلا منهما ستلعب على أرضها ووسط جمهورها.
الجميع يتوجهون إلى النمسا وسويسرا على أمل أن يصبحوا أبطال أوروبا، ولكن فريقا واحدا فقط هو من سيفوز بهذا الشرف العظيم في النهاية، ولكنني أتمنى في الوقت نفسه أن يكون لدى الجميع آمال أخرى تتعلق بتقديم الأداء الجيد، فالسبيل الوحيد لعودة الفرق من هذا العرض الكبير وهي تحافظ على كبريائها دون أن يمس هو أن تذهب إلى هناك بنية لعب كرة قدم جيدة.